اللغة ليست مجرد كلمات تُقال أو تُكتب، بل هي روح تسكن القلوب، وذاكرة تحفظ تاريخ أمة كاملة. واللغة العربية، التي اصطفاها الله لتكون وعاءً للقرآن الكريم، لم تكن يومًا مجرد أداة للتعبير، بل كانت نبض حضارة، ولسان أدب، ومفتاح علومٍ أضاءت الدنيا قرونًا طويلة.
لكن… ماذا حدث اليوم؟
كيف تحوّلت هذه اللغة العريقة إلى ضيف ثقيل في بعض مدارسنا وبيوتنا؟
وكيف صارت تُزاحَم على ألسنة أبنائها بلغات دخيلة، حتى أصبح بعضهم يخجل من التحدث بها في مجالسهم أو يخلطها بلغات أخرى كأنها ناقصة لا تكفي؟
حين تبكي الحروف، فذلك لأنها شعرت بالغربة بين أبنائها.
تبكي حين ترى أطفالًا يتهربون من درس النحو لأنه “صعب”، بينما يحفظون أغانٍ أجنبية بلا عناء.
تبكي حين ترى أن بعض المثقفين أنفسهم يكتبون باللغات الأخرى بدعوى “الحداثة”، متناسين أن العربية بثرائها وبلاغتها لا تحتاج لزينة من الخارج.
العربية اليوم تعيش غربة حقيقية؛ غربة في الإعلام، في المناهج، في ألسنة الناس. ومع ذلك، فهي باقية كجذور شجرة عتيقة، تنتظر من يسقيها بالحب والاعتزاز.
ألا يكفينا فخرًا أنها لغة القرآن الكريم؟ ألا يكفينا أنها حملت شعر المتنبي، وبلاغة الجاحظ، وحكمة ابن خلدون؟ هذه ليست لغة ضعيفة، بل لغة معجزة. المشكلة ليست فيها، بل فيّا نحن الذين أهملناها.
فلنمدّ أيدينا إليها من جديد…
لنقرأ بها، لنكتب بها، لنحدّث أبناءنا بها، ولنزرع فيهم حبّها كما نزرع حبّ الأرض والوطن. حينها فقط ستجف دموع الحروف، وتبتسم من جديد، وتعود لتكون سيدة اللغات، كما كانت، وكما تستحق.
إقرأ أيضا ً: