هل سبق لك أن انغمست في قراءة نص من النصوص لدرجة أنه يشغل كل فكرة يقظة لديك؟ هل استحوذ كتاب تقرأه على كل ذرة من كيانك وذاكرتك؟ هذه القراءة تسمى القراءة العميقة.
ربما كانت هذه القراءة نادرة اليوم، لأن أكثرنا يقرأ من الأجهزة الذكية أو من صفحات الويب، وهذا النوع من القراءة لا يوفر الراحة الجسدية الكافية للانغماس في النصوص، ومع ذلك عليك أن تحاول أن تصل إلى هذه الدرجة من النشوة في القراءة فإن لها فوائد عظيمة قد يسرقها هذا العصر الرقمي الذي نعيشه.
ما هي القراءة العميقة؟
القراءة العميقة هي الفعل المتعمد للقراءة بشكل بطيء وأكثر تفكيراً بهدف زيادة الفهم والمتعة.
من المحتمل أنك جربت القراءة العميقة مرة واحدة من قبل، ربما في أثناء قراءتك لنص خيالي أو رواية شائقة أو نصاً فكرياً يستوجب منك الكثير من التفكير والروية.
بعض النصوص تشغل عقلك وتتركك تسبح فيها ليلاً ونهاراً، لدرجة أنك تعيد المقطع عدة مرات وتتخيل الشخصيات والمشاهد والصور وكأنها ماثلة أمامك.
والسؤال الآن: هل القراءة العميقة نشاط مقصود يمكن التدرب عليه؟ الجواب مختصراً: نعم، فإن الاهتمام هو الشرارة التي تجعلنا نتعمق في موضوع ما، إذاً فكل ما علينا فعله هو توليد هذا الاهتمام.
نصائح للقراءة العميقة:
لا تتطلب القراءة العميقة أي مجموعة من الاستراتيجيات أو الخطوات، كل ما عليك فعله هو القراءة ببطء والسماح لنفسك بالتفكير في المعلومات الموجودة في الكتاب، مع إطلاق العنان للخيال للتحليق خارج النصوص المقروءة.
على كل حال إليك بعض النصائح لجعل قراءتك أكثر عمقاً وأكثر فائدة:
- إذا أربكك مقطع من النص أو قادك للتفكير العميق، فتوقف عن القراءة وأعطِ نفسك الفرصة للتفكير قبل المتابعة، عليك أن تركز على اكتساب أكبر قدر مكن من الفائدة والقيمة من النص، فاكتساب المعرفة يجب أن يكون همَّك الأول وليس الإسراع لانتهاء قراءة الكتاب.
- أعد قراءة الفقرة مرة بعد مرة: يستفيد العقل من إعادة قراءة النصوص ويسمح للخيال باكتساب صور جديدة أو معلومات فريدة لم تظهر لك من القراءة في المرة الأولى، لا يمكنني أن أحدد لك عدد المرات الواجب إعادتها، ولكن من المؤكد أنك ستكسب معلومات جديدة في كل إعادة.
- قم بتدوين الملاحظات على دفتر صغير، فبعض الكتب تتطلب تدوين ملاحظات أو استخلاص فكرة قد تعود إليه مرة ثانية.
- اقرأ أكثر في نفس الموضوع: إن قراءة سلسلة كاملة من المؤلفات في موضوع واحد أو مواضيع متشابهة بشكل متسلسل يؤدي إلى زيادة التعمق في الأفكار، وهذه الطريقة أفضل من القفز من موضوع إلى آخر، قد يكون من الجيد أيضاً قراءة أكثر من كتاب لنفس المؤلف، مما يزيد مساحة الأفكار المتعلقة بالمؤلف أو الموضوع على المدى البعيد.
وفي النهاية فإن القراءة المتعمقة تحتاج جهداً أكبر ووقتاً أطول، وقد تكون أقل تكيفاً مع العصر الرقمي الذي نعيشه، ولكن فوائدها الجمة تستحقّ بذل المزيد من الجهد في سبيل تعلمها وإتقانها.